الوقائع المغربية : دنيا فيلالي
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التي يواجهها الشعب المغربي، تتصاعد التساؤلات حول أولويات تخصيص الموارد الوطنية ومدى توافقها مع احتياجات المواطنين. يأتي هذا في سياق السياسات المالية والدبلوماسية التي ينهجها الملك محمد السادس، والتي تثار حولها العديد من الانتقادات بشأن مدى تركيزها على تحسين أوضاع الشعب المغربي. إذ يتساءل كثيرون عمّا إذا كانت هذه السياسات تعطي الأهمية اللازمة لقضايا الداخل، أم أنها توجه الموارد والاهتمام نحو أولويات خارجية لا تنعكس بشكل ملموس على حياة المواطنين. من بين أبرز القضايا التي أثارت جدلا واسعا في الشارع المغربي مؤخرا هي الوساطة التي قادها الملك محمد السادس للإفراج عن أربعة من عملاء الاستخبارات الفرنسية الذين كانوا محتجزين في بوركينا فاسو على خلفية اتهامات بالتجسس والتدخل في شؤون الأمن الداخلي للبلاد. وقد مثلت هذه الحادثة أزمة دبلوماسية حادة بين فرنسا وبوركينا فاسو، حيث كانت الحكومة البوركينية تتهم هؤلاء العملاء بمحاولة زعزعة الاستقرار في البلاد. وفي مواجهة هذه الأزمة، جاء تدخل المغرب عبر تقديم وساطة، مستغلا علاقاته القوية مع كلا الطرفين، حيث كان المغرب يسعى إلى الإفراج عن هؤلاء العملاء الذين كانوا جزءا من الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية
ما أثار موجة من الاستياء في المغرب هو أن هذه الوساطة لم تكن مجرد تدخل إنساني أو دبلوماسي بسيط، بل شملت دفع الملك محمد السادس مبلغًا ضخمًا يتمثل في أكثر من 60 مليون يورو من الخزينة المغربية كجزء من الصفقة، بالإضافة إلى تقديم معدات عسكرية وتجهيزات للجانب البوركيني بعد رفض فرنسا دفعها والدخول في المفاوضات المالية مع بوركينا فاسو. هذا المبلغ الكبير الذي دفعه العاهل المغربي أثار تساؤلات المغاربة عن سبب تخصيص هذه الموارد المالية المغربية الهائلة لحل أزمة تتعلق بمصالح دولة أخرى، في وقت يعاني فيه الشعب المغربي من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، بما في ذلك البطالة والفقر والتدهور في الخدمات العامة
هذه الوساطة دفعت العديد من المواطنين المغاربة إلى التساؤل حول أولويات السياسة المغربية: هل يفضل الملك محمد السادس الاهتمام بالقضايا الخارجية على حساب مشاكل الشعب المغربي الداخلية؟ خصوصًا أن المغاربة يعيشون واقعًا اقتصاديًا مريرًا. فحبذا لو استخدمت هذه الموارد المالية المغربية لحل بعض أزمات المغاربة كضحايا زلزال الحوز، الذين هم بأمس الحاجة للمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، بدل التعامل مع قضية أمنية خارجية ودعم مصالح دول أخرى مواطنوها يعيشون أفضل بكثير من المواطنين المغاربة
من الأسئلة التي تطرح نفسها بشدة: هل يفضل الملك محمد السادس والقيادة المغربية الحفاظ على مصالح فرنسا وحمايتها في مقابل التضحية بمصالح الشعب المغربي؟ إن تخصيص 60 مليون يورو لدعم فرنسا في قضية تجسس تخصها، بينما يعاني المواطن المغربي من قلة الموارد المخصصة لمشاريع التنمية المحلية وكثرة القروض التي تقترضها الحكومة المغربية على حساب المغاربة، يثير شكوكًا حول التزام الحكومة المغربية بتلبية احتياجات شعبها. في هذا السياق، تتزايد الأصوات التي تطالب بإعادة النظر في الأولويات الوطنية، وأهمية تخصيص الأموال والموارد بشكل يتوافق مع حاجات المواطنين وأزمات البلاد الداخلية، بدلًا من الانشغال بالقضايا الدبلوماسية التي لا ترتبط مباشرة بمصالح المغرب. الشعب المغربي يواجه تحديات يومية تتطلب تدخلًا عاجلًا. من بين هذه التحديات: الوضع الاقتصادي المتدهور، غياب فرص العمل، تدهور البنية التحتية، وتردي قطاعي الصحة والتعليم. فتخصيص أموال ضخمة لدعم قضية خارجية هو بمثابة إهدار لفرص حقيقية يمكن أن تحدث تغييرًا في حياة المغاربة